شهدت أسعار البن العالمية خلال العام الجاري زيادة كبيرة، حيث تخطت أسعار حبوب الأرابيكا، التي تمثل الجزء الأكبر من الإنتاج العالمي، 3.44 دولارًا للرطل (0.45 كجم)، مما يعكس ارتفاعًا كبيرًا بنسبة تجاوزت 80%. ويأتي هذا الارتفاع في وقت حساس يشهد فيه أكبر منتجي البن في العالم، مثل البرازيل وفيتنام، تدهورًا في المحاصيل بسبب الظروف الجوية السيئة.
ارتفاع أسعار حبوب القهوة
تُعد حبوب الأرابيكا وحبوب الروبوستا من أكثر أنواع البن شيوعًا في العالم. وفي عام 2024، سجلت حبوب الأرابيكا زيادة كبيرة في الأسعار، حيث ارتفع سعرها إلى 3.44 دولارًا للرطل، وهو أعلى مستوى لها في السنوات الأخيرة. كما شهدت حبوب الروبوستا، التي تستهلكها العديد من الشركات المصنعة للقهوة الفورية، ارتفاعًا في أسعارها خلال شهر سبتمبر 2024. وتُعزى هذه الزيادة إلى عدة عوامل، أبرزها التغيرات المناخية التي أثرت على المحاصيل في الدول الرئيسية المنتجة للبن، وخاصة البرازيل وفيتنام.
وتواجه صناعة البن تحديات كبيرة نتيجة للظروف المناخية المتقلبة. ففي أغسطس وسبتمبر 2024، شهدت فيتنام أسوأ جفاف لها منذ 70 عامًا، مما أدى إلى تراجع إنتاج البن بشكل ملحوظ. في الوقت نفسه، تعرضت البرازيل، أكبر منتج للبن في العالم، لظروف مناخية قاسية أثرت على المحاصيل، مما أدى إلى نقص حاد في الإنتاج.
ارتفاع الأسعار وتأثيره على الشركات
في ظل هذه الظروف، تأثر العديد من المُصنعين والمُحمصين بأسعار البن المرتفعة. وفقًا لتصريحات فينيه نجوين، الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات المتخصصة في إنتاج وتصدير القهوة، فإن شركات تحميص القهوة الكبرى تمكنت في السنوات الماضية من امتصاص الزيادات في الأسعار لتلبية احتياجات عملائها والحفاظ على حصتها في السوق. لكن مع استمرار الارتفاع في الأسعار، بات العديد من هذه الشركات يفكر في زيادة أسعارها في محلات السوبر ماركت بدءًا من الربع الأول من 2025.
وأوضحت شركة إيطالية عالمية في صناعة القهوة أنها بذلت جهودًا كبيرة لحماية حصتها في السوق وعدم نقل التكاليف المرتفعة إلى المستهلكين. إلا أن الوضع الحالي، مع استمرار ارتفاع أسعار البن، فرض عليها في النهاية تعديل الأسعار، حيث أكدت أن الجودة كانت دائمًا حجر الزاوية في علاقتها بالعملاء، وهو ما يفسر تحركها لتعديل الأسعار لتغطية التكاليف المرتفعة.
وأدى ارتفاع أسعار البن إلى تأثيرات واضحة على سوق القهوة عالميًا. حيث يشير الخبراء إلى أن الطلب على القهوة قد يواجه بعض التقلبات في ظل الارتفاع المستمر للأسعار. يُتوقع أن تزداد أسعار القهوة في المقاهي والمتاجر في العديد من الأسواق العالمية، وهو ما قد يؤثر على سلوك المستهلكين، الذين قد يتجهون إلى تقليص استهلاكهم أو البحث عن بدائل أخرى.
وفيما يتعلق بتوقعات صناعة القهوة في المستقبل، يتوقع العديد من المحللين استمرار ارتفاع الأسعار خلال العام المقبل، مع تزايد الضغوط الناجمة عن قلة المعروض من البن بسبب الظروف المناخية. كما يتوقع أن تواجه شركات تحميص القهوة الكبرى تحديات كبيرة في التحكم في الأسعار، وقد تضطر إلى تعديل أحجام العبوات أو زيادة الأسعار لتعويض التكاليف المتزايدة.
وتُظهر الأزمة الحالية في صناعة البن مدى تأثير التغيرات المناخية على الأسواق العالمية. في الوقت الذي تستمر فيه أسعار البن في الارتفاع، يجد المستهلكون أنفسهم أمام تحديات في الحصول على القهوة بأسعار معقولة. في المقابل، تواجه الشركات صعوبة في الحفاظ على توازن بين جودة المنتج و التكاليف المرتفعة، ما يفتح الباب أمام تغييرات كبيرة في استراتيجيات التسعير والاستهلاك خلال السنوات المقبلة.
نقلا عن جريدة العقارية