لا تزال الأهرامات المصرية، وعلى رأسها هرم الجيزة الأكبر، واحدة من أكثر الألغاز المحيّرة في تاريخ البشرية كيف تمكن المصريون القدماء، قبل آلاف السنين ومن دون تقنيات حديثة، من نقل الأحجار الضخمة وتكديسها بدقة مذهلة؟ هذا السؤال فتح الباب أمام العديد من النظريات العلمية والتاريخية التي تحاول تفسير هذا الإعجاز الهندسي.
رحلة البحث عن تفسير: كيف بُنيت الأهرامات؟
الباحث الأثري الدكتور شريف شعبان يشير إلى أن بناء الهرم الأكبر استغرق حوالي 20 عامًا، بمشاركة ما بين 20 إلى 30 ألف عامل خلال أشهر الفيضان السنوية ورغم ذلك، لم يتم الكشف عن أدلة أثرية قاطعة تشرح بالتفصيل الطريقة المستخدمة في البناء، مما أبقى المجال مفتوحًا للتكهنات والنظريات.
أبرز النظريات حول بناء الأهرامات
1. نظرية “آلة هيرودوت”
المؤرخ الإغريقي هيرودوت أشار إلى استخدام المصريين القدماء آلات خشبية لرفع الأحجار العملاقة إلى مستويات الهرم المختلفة ووصف بناء منحدر رملي بجوار الهرم ترتفع مستوياته تدريجيًا مع تقدم البناء.
ورغم أهمية هذه النظرية، يرى الباحثون أن تطبيقها يتطلب كميات هائلة من الخشب، وهو ما يُعتقد أنه لم يكن متوفرًا بكثرة في مصر القديمة.
2. نظرية الجسور المائلة لـ”تيودور الصقلي”
قدم المؤرخ تيودور الصقلي تصورًا مشابهًا في القرن الأول الميلادي، مشيرًا إلى وجود جسور أو منحدرات طويلة لنقل الأحجار باستخدام جذوع الأشجار كعجلات ويرى بعض الباحثين أن هذه الطرق ربما كانت ذات انحدار بسيط لتسهيل عملية السحب، بينما يرى آخرون أنها قد تكون قصيرة وشديدة الانحدار لنقل الأحجار الصغيرة.
كما أشار تيودور إلى أن الأحجار المستخدمة في بناء الأهرامات قد جُلبت من منطقة تُعرف بـ”أرض العرب”، وهي ما يُعتقد أنها المنطقة الواقعة بين البحر الأحمر ونهر النيل.
3. نظرية الطاقة الصوتية وتقطيع الأحجار
اقترح بعض الباحثين نظريات حديثة مثيرة، مثل استخدام المصريين القدماء لتقنيات تعتمد على الطاقة الصوتية لتقطيع الأحجار ونقلها ويُقال إنهم كانوا يطلون الأحجار بالفضة لإحداث موجات فوق صوتية تُسهّل العملية.
لكن هذه النظرية تفتقر إلى أدلة أثرية قوية، إذ أظهرت الأدلة أن المصريين القدماء استخدموا أدوات بسيطة مثل الأزاميل والشواكيش لنحت الأحجار، مع تغطية قمم الأهرامات بطبقة ذهبية، وليس فضية.
4. نظرية العلوم الطبيعية والدكتور مصطفى محمود
اقترح الدكتور مصطفى محمود أن الكهنة المصريين القدماء ربما استغلوا علوم الفيزياء والكيمياء لإبطال الجاذبية الأرضية، مما مكّنهم من رفع الأحجار الثقيلة.
يُشير هذا الرأي إلى نصوص قديمة، مثل ما ذكره المؤرخ الروماني بليني، حول قدرات الفراعنة الفريدة في رفع الأحجار والمعادن كما تعززت هذه الفكرة في مخطوطات عربية أشارت إلى استخدام الفراعنة للسحر وقوى خفية لتحريك الأحجار.
لغز لم يُحل بعد
رغم المحاولات الكثيرة لتفسير هذا الإنجاز العظيم، يبقى بناء الأهرامات أحد أعظم ألغاز التاريخ. وبينما تستمر الدراسات العلمية والأ