يعتقد الكثير من الناس أن مواصلة الجهد الذهني المكثف هو الطريقة المثلى لحفظ المعلومات، لكن الدراسات الحديثة تؤكد أن فترات الاسترخاء القصيرة قد تكون أكثر فاعلية في تحسين الذاكرة وتعزيز القدرة على استرجاع المعلومات وفي هذا المقال، سنتناول أهمية الاسترخاء في تعزيز الأداء العقلي والذاكرة، بناءً على دراسات علمية موثوقة وتجارب عملية.
كيف يساعد الاسترخاء في تحسين الذاكرة؟
تشير الأبحاث إلى أن الاسترخاء بعد التعلم يسهم في تقوية الذاكرة، بشرط تجنب الأنشطة التي تشتت التركيز، مثل تصفح الإنترنت أو متابعة الرسائل الإلكترونية وهذه الأنشطة قد تُعيق الدماغ عن تنظيم المعلومات وتثبيتها بفعالية.
تجارب رائدة تؤكد أهمية الاسترخاء
- تجربة جورج إلياس مولر وألفونس بيلزكر:
- في عام 1900، قام العالمان بإجراء تجربة طلبا فيها من المشاركين حفظ قائمة كلمات غير مترابطة.
- قُسم المشاركون إلى مجموعتين:
- المجموعة الأولى: واصلت الحفظ مباشرة دون استراحة.
- المجموعة الثانية: أخذت فترة استرخاء قصيرة لمدة 6 دقائق.
- النتائج أظهرت أن المجموعة التي استراحت استطاعت تذكر 50% من الكلمات، مقارنة بـ 28% فقط للمجموعة الأخرى.
- دراسات حديثة على الاسترخاء:
- الباحثان سيرغيو ديلا سالا (جامعة إدنبرة) ونيلسون كوان (جامعة ميسوري) أكدا نفس النتائج.
- اختُبرت فترات الراحة القصيرة على مرضى تعرّضوا لإصابات دماغية وأظهرت النتائج أن الاسترخاء ساهم في تحسين قدرتهم على تذكر الكلمات بشكل ملحوظ.
تأثير الاسترخاء على الأشخاص الأصحاء
لا تقتصر فوائد الاسترخاء على الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الذاكرة أو إصابات دماغية، بل تشمل الأفراد الأصحاء أيضًا:
- أظهرت الدراسات أن الاسترخاء يساعد في تحسين الذاكرة المكانية؛ حيث تمكن المشاركون من تذكر مواقع معينة في بيئة افتراضية بشكل أفضل بعد فترات الراحة.
- حتى على مستوى الحياة اليومية، يمكن أن يؤدي تخصيص وقت للراحة بعد تعلم مهارة جديدة أو أثناء الاستعداد للاختبارات إلى تحسين الأداء الأكاديمي والمهني.
الاسترخاء والذاكرة طويلة المدى
تُظهر الدراسات أن الذكريات تحتاج إلى المرور بمرحلة “التثبيت” بعد تشفيرها، حيث يتم نقل المعلومات إلى الذاكرة طويلة المدى.
- في السابق، كان يُعتقد أن هذه العملية تحدث فقط أثناء النوم.
- لكن دراسة أجرتها ليلا دافاشي من جامعة نيويورك أوضحت أن التواصل العصبي بين مناطق الدماغ المسؤولة عن الذاكرة يزداد أيضًا خلال فترات الاسترخاء في حالة اليقظة مما يُعزز تثبيت المعلومات المكتسبة.
فوائد الاسترخاء لمرضى ألزهايمر وذوي الإعاقة
- الاسترخاء بعد التعلم له تأثير ملحوظ على مرضى ألزهايمر في مراحله المبكرة والناجين من السكتة الدماغية.
- تُظهر الأبحاث أن الراحة تُساهم في تحسين استرجاع المعلومات حتى بعد أسبوع من تعلمها.
نصائح لتعزيز الذاكرة من خلال الاسترخاء
- خصص وقتًا للراحة بعد التعلم:
- احرص على أخذ فترة استرخاء تتراوح بين 10 إلى 15 دقيقة بعد فترات مكثفة من الدراسة أو العمل.
- تجنب المشتتات:
- ابتعد عن الهواتف المحمولة أو تصفح الإنترنت خلال فترة الاسترخاء.
- اختر مكانًا هادئًا:
- الاستلقاء في غرفة مظلمة أو ذات إضاءة خافتة يعزز عملية تثبيت المعلومات.
- مارس التأمل:
- يساعد التأمل أو الجلوس بهدوء دون التفكير في أمور مُشتتة على تهدئة العقل وتحفيز الذاكرة.
- الاسترخاء قبل النوم:
- تخصيص وقت للاسترخاء قبل النوم يمكن أن يُساهم في تثبيت المعلومات التي تعلمتها خلال النهار.