تُعد مدينة الإسكندرية واحدة من أقدم وأعرق المدن في مصر، بل في العالم، حيث تجمع بين سحر البحر الأبيض المتوسط وثراء تاريخها الذي يمتد عبر آلاف السنين و تحتل المدينة مكانة مرموقة في التاريخ باعتبارها مهدًا للحضارات والثقافات المتعددة، فقد شهدت تأثيرات عظيمة من حضارات اليونان والرومان، وصولًا إلى العصرين القبطى والإسلامى ولكن المدينة ليست فقط غنية بما يطفو على سطح الأرض، بل إن شواطئها تحتفظ بأسرار غارقة في أعماق البحر الأبيض المتوسط، مما يضفي عليها طابعًا سحريًا فريدًا.
اكتشاف كارثي يُفجر أزمة في الأوساط العلمية ويُربك حسابات الجميع من الملايين
تعتبر الإسكندرية مدينة الحضارات، حيث تضم العديد من الآثار التي تعود إلى مختلف العصور. يمكن للزوار مشاهدة المعالم الرومانية واليونانية والقبطية والإسلامية على حد سواء، مما يعكس تاريخها الطويل والتنوع الثقافي الذي مرت به. لكن السطح ليس الوحيد الغني بالآثار، فالمياه تحتفظ بكنوز لا حصر لها.
الغرق الذي غير تاريخ الإسكندرية
فيما كانت الإسكندرية مدينة مزدهرة، فقد تعرضت لتغيرات مناخية وطبيعية جعلت العديد من أجزاء المدينة تغرق تحت سطح البحر. ومن أبرز هذه المدن الغارقة “ثونيس هرقليون”، التي كانت تمثل جزءًا كبيرًا من الإسكندرية القديمة قبل أن تختفي تدريجيًا تحت الأمواج بسبب التغيرات في مستوى سطح البحر.
“ثونيس هرقليون”: مدينة غارقة مليئة بالأسرار
تعود مدينة “ثونيس هرقليون” إلى نحو 600 عام قبل الميلاد، وكانت تمثل ميناءً مهمًا لمصر على البحر الأبيض المتوسط. وكان معبد “خونس” من أبرز معالمها، حيث كان يقصده الناس من مختلف أنحاء البحر الأبيض المتوسط للعبادة والشفاء. قد ربط الإغريق معبد “خونس” بإلههم هرقل، وهو ما منح المدينة اسمها.
تاريخ هذه المدينة مرتبط أيضًا بالفترة البطلمية من حكم الإغريق، التي بدأت مع إنشاء الإسكندر الأكبر لمدينة الإسكندرية في عام 332 قبل الميلاد. ومع مرور الوقت، شهدت المدينة ازدهارًا ملحوظًا، قبل أن تبدأ في الغرق تدريجيًا نتيجة للزلازل والتغيرات المناخية. بحلول القرن الثامن الميلادي، كانت المدينة قد غرقت لمسافة عدة أمتار تحت سطح البحر.
اكتشاف المدينة الغارقة
بقيت مدينة “ثونيس هرقليون” مختفية عن الأنظار لقرون عديدة حتى أواخر التسعينات من القرن الماضي، عندما بدأ فريق من العلماء والباحثين في محاولات متقدمة للكشف عنها. وفي عام 2000، نظم المعهد الأوروبي للآثار البحرية “IEASM” في باريس بعثة علمية تحت إشراف عالم الآثار الفرنسي فرانك جوديون، والتي كانت مكونة من عدد من علماء الآثار الغواصين.
كنوز غارقة تحت المياه
تم اكتشاف أكثر من 750 مرسى قديم، و69 سفينة غارقة تعود إلى الفترة بين القرن السادس والقرن الثاني قبل الميلاد، أثناء عملية التنقيب في مرفأ “ثونيس هرقليون”. بين هذه الاكتشافات، تم العثور على تماثيل ضخمة، وأدوات زينة مثل المجوهرات الذهبية، بالإضافة إلى العديد من الأواني البرونزية التي كانت تستخدم في الطقوس الدينية، وغيرها من القطع الأثرية التي تسلط الضوء على الحياة في تلك الحقبة.