لطالما كانت مصر أرض الذهب فمنذ فجر التاريخ عُرفت بثرواتها المعدنية الهائلة وها هي اليوم تعلن عن اكتشاف جيولوجي مذهل في قلب الصحراء الشرقية ويمكن أن يُغير خارطة الاقتصاد المصري ويجعلها واحدة من أكبر الدول المنتجة للذهب في العالم ، فقد كشفت مصر عن جبل السكري الذي يُعد واحدًا من أغنى المناجم الذهبية في العالم بمخزون يُقدر بملايين الأوقيات من الذهب الخام مما يجعله مشروعًا اقتصاديًا عملاقًا قادراً على دفع عجلة النمو الاقتصادي في البلاد ، فكيف تم اكتشاف هذا الجبل الذهبي؟ وما تأثيره المتوقع على الاقتصاد المصري؟ دعونا نلقي نظرة أعمق على هذا الإنجاز التاريخي.
تاريخ الاكتشاف وذهب الفراعنة يعود إلى الحياة من جديد
على الرغم من الضجة التي أُثيرت حول هذا الاكتشاف، فإن جبل السكري لم يكن غائبًا عن الأنظار تمامًا فقد كان هذا الموقع معروفًا منذ العصور الفرعونية ، حيث استخدم المصريون القدماء تقنياتهم البدائية لاستخراج الذهب من الصخور الغنية بهذا المعدن النفيس والدليل على ذلك وجود آثار لمناجم قديمة وأدوات تعدين تاريخية تشير إلى أن الفراعنة كانوا يستغلون هذه المنطقة قبل آلاف السنين ، ومع مرور الزمن ظل المنجم غير مستغل بشكل كبير حتى بداية القرن العشرين ، حيث تم التنقيب فيه بشكل متقطع ولكن في أواخر التسعينيات بدأت مصر في دراسة إمكانيات تطويره بأساليب حديثة وهو ما أدى إلى إطلاق المشروع رسميًا في عام 2005 بالشراكة مع شركة سنتامين الأسترالية ليصبح اليوم أحد أكبر مشاريع التعدين في العالم.
موقع منجم السكري وأهميته الجيولوجية
يقع منجم السكري في صحراء النوبة جنوب مدينة مرسى علم على بعد حوالي 30 كيلومترًا من ساحل البحر الأحمر وتُقدر مساحته الإجمالية بحوالي 160 كيلومترًا مربعًا مما يجعله واحدًا من أضخم المناجم على مستوى العالم.
لماذا يعتبر السكري منجم ذهب فريد من نوعه
يتميز منجم السكري بتركيب جيولوجي غني ، حيث يتداخل الذهب مع صخور نارية صلبة مما يجعل استخراجه أسهل مقارنة بمناجم أخرى تتطلب عمليات معقدة لفصل الذهب عن المواد المحيطة به ويمكن تقسيم مخزون الذهب في منجم السكري إلى أربعة نطاقات رئيسية تحمل أسماءً مستوحاة من الحضارة المصرية القديمة:
- نطاق الفراعنة
- نطاق رع
- نطاق آمون
- نطاق الغزالي
هذه التكوينات الغنية بالذهب تشير إلى أن المنجم سيظل مصدرًا رئيسيًا لإنتاج الذهب لعدة عقود قادمة خاصة مع استمرار عمليات التنقيب والكشف عن امتدادات جديدة للمعدن الثمين في المنطقة.
الجهود المصرية لتطوير قطاع التعدين
تعمل الحكومة المصرية على تعزيز قطاع التعدين كجزء من استراتيجيتها لتنويع الاقتصاد وزيادة مصادر الدخل القومي وقد تم اتخاذ خطوات هامة في هذا الصدد منها:
- تعديل قوانين التعدين في عام 2020 لتشجيع الاستثمار الأجنبي وجذب شركات عالمية للعمل في مصر.
- طرح مزايدات عالمية لمنح تراخيص استكشاف الذهب، وهو ما أدى إلى دخول شركات جديدة إلى السوق المصرية.
- إعادة هيكلة هيئة الثروة المعدنية لتسهيل عمليات الاستثمار والتنقيب في مجال التعدين.
- الاستثمار في البنية التحتية لدعم عمليات التعدين، مثل تطوير الطرق وإنشاء موانئ جديدة لتصدير الذهب.
التعاون الدولي في استغلال منجم السكري
تمت إدارة منجم السكري من خلال شراكة بين هيئة الثروة المعدنية المصرية وشركة سنتامين الأسترالية، حيث تم تأسيس شركة السكري في عام 2005 للإشراف على عمليات الإنتاج والاستخراج
كيف تعمل شركة السكري على استغلال الذهب
تعتمد الشركة على أحدث التقنيات في مجال التعدين حيث تستخدم:
- معدات متطورة لفصل الذهب عن الصخور بكفاءة عالية.
- تقنيات صديقة للبيئة للحد من التأثير البيئي لعمليات الاستخراج.
- أنظمة مراقبة حديثة لضمان أقصى استفادة من الموارد المتاحة.
- وتحقق شركة السكري أرباحًا ضخمة من عمليات التعدين ، حيث تذهب نسبة من العائدات إلى الحكومة المصرية وفقًا للاتفاقيات المبرمة بين الطرفين مما يُسهم في دعم الاقتصاد المحلي بشكل كبير.
التأثير الاقتصادي لمنجم السكري على مصر
من المتوقع أن يُحدث اكتشاف جبل الذهب هذا طفرة كبيرة في الاقتصاد المصري حيث سيساهم في:
- زيادة إنتاج مصر من الذهب مما يعزز مكانتها بين الدول المنتجة لهذا المعدن الثمين.
- تحقيق عائدات ضخمة من التصدير مما يدعم الاحتياطي النقدي الأجنبي.
- توفير فرص عمل جديدة سواء في قطاع التعدين نفسه أو في الصناعات الداعمة له مثل النقل والتصنيع والخدمات اللوجستية.
- تحفيز الاستثمار الأجنبي حيث ستجذب الاكتشافات الجديدة شركات تعدين عالمية للعمل في مصر.