على الرغم من أن أعماق البحار والمحيطات تخفي كميات هائلة من الذهب، إلا أن استخراج هذا المعدن الثمين يظل مهمة معقدة ومكلفة. في هذا المقال، نستعرض أبرز الأسباب التي تجعل من استغلال الذهب الموجود في البحار أمرًا غير عملي حتى يومنا هذا.
حجم الذهب في المحيطات
تشير الدراسات العلمية إلى أن محيطات العالم تحتوي على ما يقرب من 20 مليون طن من الذهب المذاب في مياهها. لكن رغم ضخامة هذا الرقم، فإن تركيز الذهب في المياه منخفض للغاية، حيث لا يتجاوز 13 جزءًا من المليار في اللتر الواحد. هذا التوزيع الضئيل يجعل من عملية استخراجه غير مجدية اقتصاديًا في ظل الظروف الحالية.
التحديات التقنية أمام استخراج الذهب
- انخفاض تركيز الذهب
يكمن التحدي الأكبر في انخفاض نسبة الذهب داخل مياه البحر، مما يجعل فصله عن المياه عملية معقدة. لا يمكن تطبيق الطرق التقليدية المستخدمة في المناجم، بل يتطلب الأمر استخدام تقنيات متقدمة مثل أنظمة الترشيح الدقيقة أو التفاعلات الكيميائية الخاصة. هذه العمليات تحتاج إلى معدات متطورة وتكاليف باهظة. - أعماق البحار والمواقع الصعبة
تقع كميات الذهب غالبًا في أعماق سحيقة، حيث يتجاوز عمق المحيطات في بعض المناطق آلاف الأمتار. يتطلب العمل في هذه الأعماق معدات غوص متقدمة، تقنيات متخصصة، واحتياطات أمان صارمة، ما يرفع من تكاليف التشغيل بشكل كبير. - المخاطر البيئية
تؤدي عمليات التنقيب تحت الماء إلى اضطراب البيئات البحرية الهشة. يمكن أن تتسبب هذه الأنشطة في تدمير المواطن الطبيعية للكائنات البحرية وتلويث المياه، مما يشكل تهديدًا للتنوع البيولوجي ويجعل الدول أكثر حذرًا في منح تراخيص لمثل هذه المشاريع.
التكاليف الاقتصادية لاستخراج الذهب من البحر
حتى الآن، لا تزال التكلفة الاقتصادية لاستخراج الذهب من البحار باهظة للغاية. يقدر الخبراء أن تكلفة إنتاج كيلوغرام واحد من الذهب من مياه البحر تتراوح بين 1.5 مليون إلى 3 ملايين دولار، وهو مبلغ يفوق بكثير تكلفة استخراج نفس الكمية من المناجم البرية التي تحتوي على نسب أعلى من الذهب.
آفاق المستقبل: هل يمكن للتكنولوجيا أن تغيّر المعادلة؟
على الرغم من التحديات الحالية، يعمل العلماء والمهندسون على تطوير تقنيات قد تجعل استخراج الذهب من البحر أكثر جدوى في المستقبل. يمكن أن تشمل هذه الابتكارات:
- مواد كيميائية أكثر فعالية في تركيز الذهب.
- تقنيات تعدين متقدمة تحت الماء قادرة على العمل بكفاءة في الأعماق الكبيرة.
- تحسين أدوات الترشيح والفصل لتقليل التكاليف التشغيلية.
إذا تم إحراز تقدم في هذه المجالات، فقد يصبح استغلال الذهب البحري خيارًا اقتصاديًا viable في السنوات القادمة.
رغم أن البحار والمحيطات تُعد كنزًا دفينًا من الذهب، إلا أن العقبات التقنية، البيئية، والاقتصادية تجعل من استخراجه مهمة شبه مستحيلة في الوقت الحاضر. ومع ذلك، فإن الأمل لا يزال معقودًا على التقدم العلمي والتكنولوجي الذي قد يفتح آفاقًا جديدة لاستغلال هذه الموارد في المستقبل.