في عام 2019، أحدث الفنان الإيطالي ماوريزيو كاتيلان ضجة عالمية بعرض عمله الفني المثير للجدل “الكوميدي”، والذي لم يكن سوى موزة مثبتة على الحائط بشريط لاصق، في معرض آرت بازل ميامي بيتش. بيعت القطعة بثلاث نسخ، وصلت كل منها إلى سعر 120 ألف دولار، وأصبحت رمزًا للتساؤل عن معنى الفن وحدوده. وبعد خمس سنوات، عاد هذا العمل إلى دائرة الضوء بعدما تم بيعه في مزاد بدار سوزبي للمزادات في نيويورك مقابل 6.24 مليون دولار، وهو رقم تجاوز كل التوقعات، ما أثار موجة جديدة من النقاشات حول مفهوم الفن المعاصر وقيمته السوقية والثقافية.
الفن المفاهيمي: هل هو فن أم مجرد فكرة؟
يُعد “الكوميدي” مثالًا بارزًا على الفن المفاهيمي، وهو تيار فني يُركز على الفكرة أكثر من الشكل المادي. يعود هذا التوجه إلى بدايات القرن العشرين، حينما قدّم الفنان مارسيل دوشان عمله الشهير “النافورة” (1917)، وهو مرحاض خزفي عادي اعتُبر عملًا فنيًا، مما فتح باب التساؤلات حول دور الفنان والجمهور في تحديد قيمة الفن.
وعلى نفس النهج، جاء كاتيلان ليطرح عبر “الكوميدي” نقدًا ساخرًا للمنظومة الفنية والسوقية، حيث لم يكن العمل مجرد موزة وشريط لاصق، بل كان تجربة فكرية تدعو المتلقي للتساؤل: هل نحن نقيّم الفكرة أم المادة؟ وهل يمكن للعمل الفني أن يكون مجرد تعليمات لتركيبه؟
من المزاد إلى المتحف: قصة صعود “الكوميدي”
عندما عرض كاتيلان “الكوميدي” لأول مرة، لم يكن يعلم أن العمل سيثير كل هذا الجدل. ولكن سرعان ما أصبحت الموزة رمزًا للفن الاستفزازي، وحققت مبيعات تجاوزت التوقعات. أحد أبرز الأحداث المرتبطة بالعمل كان حينما قام الفنان ديفيد داتونا بنزع الموزة وأكلها علنًا، مدعيًا أن فعله كان أداءً فنيًا بحد ذاته، مما أضاف بُعدًا جديدًا للنقاش حول قيمة الفن الحقيقية.
لاحقًا، قرر متحف غوغنهايم في نيويورك عرض إحدى النسخ الثلاث من “الكوميدي”، مما منحها شرعية إضافية كعمل فني متحفي. ومع استمرار الجدل، عُرضت القطعة في معارض عالمية، حتى وصلت إلى مزاد سوزبي الأخير، حيث حققت 6.24 مليون دولار، متجاوزة التقديرات الأولية التي تراوحت بين مليون و1.5 مليون دولار.
الفن، السوق، والرمزية الثقافية
يعتقد بعض النقاد أن “الكوميدي” يُعيد تعريف معنى الفن الاستفزازي، بينما يرى آخرون أنه مجرد مزحة باهظة الثمن. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن العمل أصبح ظاهرة ثقافية، خاصة بعد اقتنائه من قبل جاستن صن، مؤسس منصة للعملات المشفرة، الذي اعتبره “ربطًا بين الفن، والميمات، وعالم العملات الرقمية”.