منذ قديم الأزل، شهدت المملكة العربية السعودية تاريخًا طويلًا من التحديات البيئية والجغرافية، حيث تمتاز بموقع جغرافي قاسي يتوسط أكبر صحراء في العالم. في هذا السياق، لعبت البيئة دورًا مهمًا في تحديد أساليب الحياة والتطور في المملكة. فبينما تتغنى بعض الدول بموارد المياه الوفيرة، عانت المملكة لعقود من ندرة المياه، ما جعلها تبتكر حلولاً استثنائية لضمان بقاء الحياة.
تصريح عاجل من المملكة بتدشين نهر صناعي ضعف نهر النيل في مصر
تعد المملكة من البلدان التي تعتمد بشكل أساسي على الأمطار والآبار الجوفية لتوفير المياه. تعود هذه الحقيقة إلى الطبيعة الجغرافية القاحلة للمملكة، حيث لا توجد أنهار كبيرة مثل تلك التي تمر في العديد من البلدان الأخرى. وتتميز المملكة بمناخ قاسٍ في الصيف والشتاء، ما يجعل الموارد المائية شحيحة.
تقع معظم المياه السطحية في المناطق الغربية والجنوبية الغربية من المملكة، حيث توفر حوالي 10% فقط من احتياجات المياه. وللتغلب على هذه المشكلة، بدأت المملكة في الاعتماد على المياه الجوفية، والتي تساهم بنسبة كبيرة في سد احتياجات البلاد.
المياه الجوفية: المصدر الحيوي للمملكة
تعتبر المياه الجوفية المصدر الرئيسي لتلبية احتياجات المملكة من المياه، حيث توفر حوالي 84% من إجمالي استهلاك المياه. ومع مرور الوقت، قامت المملكة بتطوير تقنيات حديثة لاستغلال هذه الموارد، ومن بينها تقنية تعبئة المياه الجوفية. بالإضافة إلى ذلك، قامت المملكة بإنشاء محطات لتحلية المياه منذ الثمانينات من القرن الماضي، وتعد السعودية اليوم من أكبر منتجي المياه المحلاة في العالم.
التحديات: جفاف البحيرات وتكنولوجيا استخراج المياه
خلال العقود الأخيرة، تأثرت المملكة بالجفاف الكبير الذي ضرب بعض البحيرات، مثل تلك الموجودة في محافظة الإفلاج. ونتيجة لذلك، أصبح من الضروري البحث عن مصادر مياه جديدة. ومن أجل مواجهة هذه التحديات، تعاونت المملكة مع شركة “أرامكو” السعودية، التي ساعدت في تحديد أماكن المياه الجوفية العميقة في شمال وشرق المملكة، حيث تم اكتشاف طبقة “واصية” العميقة التي تحتوي على مياه جوفية أكبر من تلك الموجودة في الخليج العربي.
مشروع النهر الصناعي السعودي: خطوة نحو المستقبل
ومع تزايد الاحتياجات المائية في المملكة، ظهرت فكرة مبتكرة للتغلب على هذه الأزمة: إنشاء أطول نهر صناعي في العالم. هذا المشروع الطموح سيتجاوز 12,000 كيلو متر في الطول، وسيكون بعمق 4 أمتار وعرض 11 مترًا. يهدف هذا النهر إلى نقل المياه الصالحة للشرب عبر المملكة، ليكون بديلاً عمليًا للموارد التقليدية.
تفاصيل المشروع الضخم
سيعتمد المشروع على ثلاثة أنابيب ضخمة، يبلغ قطرها 2.25 متر، لتوزيع المياه في جميع أنحاء المملكة. هذه الأنابيب ستكون مصنوعة من مواد مقاومة للتآكل والصدأ، لتضمن استدامة نقل المياه. ومن المتوقع أن يغذي هذا النهر الصناعي أكثر من 35 مليون شخص في المملكة. كما سيكون أحد أكبر شبكات المياه المحلاة في العالم، حيث ستنتج المملكة 9.4 مليون متر مكعب من المياه يوميًا، مما سيساهم في تلبية احتياجات السكان.
الاستثمار في المستقبل: دور المملكة في تحلية المياه
تعتبر المملكة اليوم من أكبر الدول المنتجة للمياه المحلاة، حيث تنتج أكثر من مليار متر مكعب من المياه سنويًا، مما يمثل 18% من الإنتاج العالمي. ويمثل هذا التحول الكبير في مجال تحلية المياه واحدة من أكبر الابتكارات التقنية في المنطقة. كما أن محطات تحلية المياه في السعودية تعد من بين الأكثر تقدمًا في العالم، بما يعكس التقدم الكبير في مجال الطاقة الكهرومائية.