في تطور لافت يثير الدهشة والقلق على حد سواء، كشفت تقارير حديثة عن الاستخدامات غير التقليدية التي باتت تشهدها غلايات الماء المتوفرة في غرف الفنادق. فبعد أن كانت هذه الأجهزة الصغيرة تُعتبر علامة على اهتمام الفندق براحة نزلائه وتوفير سبل الرفاهية الأساسية، تحولت في نظر البعض إلى مصدر محتمل للاشمئزاز والخوف، وذلك بسبب الممارسات الغريبة التي يلجأ إليها بعض المسافرين عند استخدامها.
استخدامات صادمة تتجاوز المشروبات الساخنة
فجّرت تقارير إعلامية، استناداً إلى ما نشره موقع «شيب» الألماني المتخصص في الشؤون الصحية والرياضية، مفاجأة من العيار الثقيل حول طبيعة استخدامات غلايات الماء في الفنادق. لم يعد الأمر مقتصراً على تحضير الشاي أو القهوة سريعة الذوبان، بل وصل إلى حد استغلال بعض النزلاء لهذه الأجهزة لغايات أخرى لم تخطر ببال أحد. فقد كشف الموقع الألماني عن لجوء البعض إلى غلي ملابسهم الداخلية أو جواربهم داخل الغلاية، انطلاقاً من اعتقادهم بأن درجة حرارة الماء المغلي التي تصل إلى 100 درجة مئوية قادرة على تطهير الأوساخ والجراثيم بفعالية مماثلة لدورة الغسيل في الغسالة التقليدية.
تأكيدات ودلائل على أرض الواقع
لم تبق هذه المعلومات مجرد ادعاءات أو شائعات عابرة، بل سرعان ما أكدتها صحيفة «الإندبندنت» البريطانية المرموقة في تقرير لها، مشيرة إلى أن هذه الممارسة الغريبة حقيقة واقعة وليست مجرد ضرب من الخيال. وقد أثار هذا الكشف جدلاً واسعاً وضجة كبيرة على مختلف منصات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها منصة «إكس» (تويتر سابقاً). وعبر العديد من المستخدمين عن صدمتهم واستيائهم الشديدين، واصفين هذه الأفعال بأنها مقززة، منافية للنظافة الشخصية، وتنم عن سلوك غير حضاري.
دراسات وحوادث فردية تعزز المخاوف:
لم يتوقف الأمر عند حدود التقارير الصحفية وردود الفعل الغاضبة على الإنترنت، بل تعززت هذه المخاوف بنتائج دراسة علمية أجرتها جامعة «كورنيل» الأمريكية في عام 2021. فقد كشفت الدراسة التي تناولت عادات النزلاء في الفنادق أن نسبة لا يستهان بها بلغت 7% من المسافرين اعترفوا صراحة باستخدام أدوات الغرفة الفندقية، بما في ذلك غلايات الماء، لأغراض غير تقليدية إطلاقاً. وشملت هذه الاستخدامات الغريبة طهي وجبات سريعة مثل النودلز أو حتى محاولة تسخين بقايا الطعام. وفي سياق متصل، شهد عام 2023 حادثة أخرى أثارت موجة من الاستغراب والدهشة، حيث قام أحد مستخدمي منصة «إكس» بنشر صورة لجوارب معلقة بجوار غلاية فندقية، مصحوبة بتعليق ساخر مفاده: «غسيل اليوم جاهز!». وقد أشعلت هذه الصورة نقاشاً حاداً بين المؤيدين الذين رأوا فيها مجرد دعابة وبين المعارضين الذين عبروا عن استنكارهم الشديد لهذه الممارسة.
تطمينات وتحذيرات من الخبراء:
على الرغم من هذه الصورة القاتمة التي رسمتها التقارير والحوادث الفردية، حاول الخبراء تقديم بعض التطمينات للجمهور القلق. أوضح خبير التغذية الألماني المعروف، أوفيه كنوب، أن درجة حرارة الماء المغلي التي تصل إلى 100 درجة مئوية تعتبر كافية للقضاء على غالبية الجراثيم ومسببات الأمراض الشائعة التي قد تتواجد في الماء. واعتبر أنه «بعد وصول الماء إلى درجة الغليان، يصبح من المستحيل تقريباً لأي كائن حي دقيق أن يبقى على قيد الحياة فيه». ومع ذلك، لم يخلُ حديث الخبير من بعض التحذيرات الهامة. فقد نصح كنوب بشدة بضرورة فحص الغلاية جيداً قبل استخدامها، والتنبه إلى أي علامات غير طبيعية مثل وجود بقايا مياه قديمة، ترسبات غريبة، أو روائح كريهة. واعتبر أن وجود مثل هذه العلامات قد يشير إلى إهمال في معايير النظافة المتبعة في الفندق، وهو ما يستدعي من النزيل التفكير ملياً قبل استخدام الغلاية.
رأي منظمة الصحة العالمية وتحدي الجانب النفسي:
من جانبها، أشارت منظمة الصحة العالمية (WHO) في تقرير صدر عام 2022 إلى أن الماء المغلي يعتبر آمناً للاستهلاك البشري حتى في الظروف التي قد لا تكون مثالية تماماً، وذلك بشرط أن يتم تسخينه بشكل كامل ليصل إلى درجة الغليان. ومع ذلك، يظل هناك تحدٍ آخر لا يقل أهمية، وهو الجانب النفسي المتعلق بالمستخدم. فالسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: هل يستطيع النزيل حقاً الاستمتاع بفنجان من القهوة أو الشاي وهو يعلم تمام العلم أن هذه الغلاية نفسها ربما تم استخدامها قبل قليل من قبل شخص آخر لغلي ملابسه الداخلية أو جواربه؟
نصائح عملية للنزلاء:
وفي ختام حديثه، قدم خبير التغذية الألماني مجموعة من النصائح العملية الهامة للنزلاء في الفنادق لضمان استخدام آمن وصحي لغلايات الماء. شملت هذه النصائح ضرورة إجراء فحص دقيق للغلاية قبل الاستخدام للتأكد من نظافتها وخلوها من أي روائح أو بقايا غريبة. كما نصح باتباع ما يعرف بـ «طريقة الغليان المزدوج»، حيث يتم غلي الماء في المرة الأولى والتخلص منه، ثم إعادة ملء الغلاية وغليها مرة أخرى لضمان أعلى مستويات النظافة. وفي حال الشعور بأي شك أو قلق بشأن نظافة الغلاية، نصح الخبير بالتوجه نحو البدائل الأكثر أماناً، مثل استخدام المياه المعبأة المتوفرة في الغرفة أو طلب مشروب ساخن جاهز من المقهى الخاص بالفندق.