في باطن الأرض حيث الهدوء والعتمة تخزن الولايات المتحدة مايزيد عن ستمائة مليون كيلوغرام من الجبن في كهوف ضخمة أسفل الأرض، وهذا المشهد يبدو خيالًا ولا يستوعبه العقل، لكن الحقيقة أكثر إثارة للدهشة فهذا المخزون الضخم ليس مجرد صدفة بل هو حصاد عقود طويلة من السياسات الزراعية والاقتصادية التي جعلت الجبن أحد أهم المنتجات الاستراتيجية في أمريكا، وهنا يكمن السؤال لماذا تحتفظ أميركا بهذا الكم الهائل من الجبن؟.
قصة الجبن الامريكي
منذ بداية عشرينيات القرن السابق واجه المزارعون الأمريكيون حالة من عدم الاستقرار في أسعار الحليب وهذا الأمر تسبب في حدوث عدد ضخم من الخسائر حيث تلف الحليب في وقت قصير، وبحلول عام 1949 اتخذت الجهات الأمريكية المسؤولة قرار يقضي بالسماح بشراء الكمية الزائدة من منتجات الألبان عندما تكون الأسعار قليلة بشكل ملحوظ مما يضمن تحقيق الثبات في السوق والحفاظ على الدخل الذي يحصل على المزارعين.
ولكن بمرور السنوات ازداد الأمر سوءًا وهذا دفع الجهات المختصة إلى تخزين “الجبن” داخل كهوف ضخمة أسفل الأرض في مواقع مثل “كانساس” هذا الأمر الذي دفعت الحكومة من أجله مبالغ كبيرة تُقدر بمليون دولار في اليوم الواحد،
وفي نهاية الأمر اتجهت الحكومة نحو توزيع الجبن على عدد من العائلات محدودة الدخل عبر بعض برامج الدعم الغذائي، حيث تحولت المشكلة إلى الشركات المتخصصة أبرزها “كرافت هاينز”، “جمعية مزارعي الألبان” ذات الجنسية الأمريكية.
تحديات فائض الجبنة
حتى الآن تحتفظ كثير من الشركات لديها وفرة من الجبن بمعدل ستمائة مليون كيلوغرام وتُعاني من مشكلة كبيرة في توزيعها، وتفكر بعض الشركات في الأتجاه نحو تصدير هذه الكمية ولكن يوجد عقبات كبيرة تقف أمام هذه الفكرة حيث المنافسة القوية بين دول عديدة مثل “الاتحاد الأوروبي”، “نيوزيلندا” حيث يسيطرون بشكل كبير على السوق الخاص بتصدير الجبن ذو الجودة المميزة والأسعار المغرية.
كما أن بعض الدول توفر الدعم اللازم للمنتجات الخاصة بها بحيث يتم طرحها بأسعار أقل من الجبن الأمريكي، وهناك دول أخرى تضع بعض التكاليف الجمركية العالية على استيراد “الجبن الأمريكي” مما يوفر الحماية اللازمة للمنتجات التي يتم صناعتها داخل الدولة وبالتالي تقليل نسبة الاستيرادات.
هل يحل ترامب ازمة فائض الجبنة؟
أثناء جميع الصعوبات التي يواجهها الفائض الأمريكي من الجبن يتساءل الكثيرون حول هل سيتمكن ترامب من حل ازمة فائض الجبن؟، ويمكن أن يحاول ترامب إلى استخدام القوة لفرض الجبنة أمريكية الصنع على مختلف الأسواق العالمية وهذا ما فعله في وقت سابق مع عدد من المنتجات من أجل خلق ميزة تنافسية في عملية التصدير للخارج، ولكن هذه الخطوة يحفها كثير من المخاوف والمشكلات الاقتصادية والسياسية التي ربما تقف عائقًا أمام صناعة الألبان الأمريكية في الساحة الدولية.