تشهد العديد من المجتمعات العربية في الوقت الحالي تزايد ملحوظ في ظاهرة اقتناء الكلاب وتربيتها داخل المنازل، سواء بغرض الترفيه أو كحيوانات أليفة ترافق أصحابها في حياتهم اليومية، ومع انتشار هذه العادة، تتجدد التساؤلات حول الحكم الشرعي في تربية الكلاب، وما إذا كان الإسلام يجيز الاحتفاظ بها داخل المنازل لغير الضرورات التي حددها الشرع، وقد أجاب عن هذا الأمر عدد من العلماء وأصحاب الفتاوى الشرعية، ومن بينهم الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – الذي أكد من خلال موقعه الرسمي أن تربية الكلاب داخل البيوت لغير أغراض الحراسة أو الصيد أو رعي الماشية “لا تجوز”، مستند إلى الأحاديث النبوية الشريفة التي نهت عن اقتناء الكلاب إلا عند الحاجة، وإليك التفاصيل الكاملة حول هذا الموضوع نقدمها لكم عبر موقعنا الزهراء.
حكم تربية الكلاب في الإسلام وأبرز الضوابط الشرعية المتعلقة باقتنائها داخل المنازل
يعد الإسلام دين يحث على الرحمة بالحيوانات ويشجع على الرفق بها، لكنه في الوقت ذاته وضع ضوابط محددة بشأن اقتناء بعض الحيوانات، ومن بينها الكلاب، حيث بيّن الفقهاء أن حكم تربية الكلاب يعتمد على الغرض من اقتنائها، فمنها ما هو مباح ومنها ما هو غير جائز، وإليك بيان الأحكام الواردة في ذلك
- الأصل في الكلاب النجاسة: أشار العلماء إلى أن الكلاب تعد نجسة العين وفقًا لما ورد في السنة النبوية، حيث إن لعابها، وبولها، وحتى شعرها يحمل النجاسة، وهذا يستوجب غسل الأواني التي يلعقها الكلب سبع مرات إحداهن بالتراب، كما ورد في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ، ولذلك فإن اقتناء الكلاب داخل البيوت قد يتسبب في نجاسة الأثاث والملابس والأواني، مما يستوجب تطهيرها باستمرار
- جواز تربية الكلاب في حالات معينة: أجاز الإسلام اقتناء الكلاب في ثلاث حالات محددة، وهي كالتالي
- كلب الحراسة: يُسمح بتربية الكلاب لحماية المنازل والممتلكات من اللصوص أو أي خطر محتمل
- كلب الصيد: يجوز اقتناء الكلاب المدربة على الصيد، حيث تستخدم لجلب الطرائد لصاحبها، وقد ورد في القرآن الكريم ما يجيز هذا النوع من الصيد في قوله تعالى: (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ)
- كلب الماشية: أُبيح للمزارعين والرعاة اقتناء الكلاب لحماية المواشي من الحيوانات المفترسة التي قد تهددها
- تحريم اقتناء الكلاب لغير الأغراض المشروعة: أوضح العلماء أن تربية الكلاب دون سبب مشروع يعد من الأمور غير الجائزة شرعًا، مثل تربيتها من أجل الزينة أو التسلية، فقد ورد عن النبي ﷺ أنه قال: (من اقتنى كلبًا، إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع، نقص من أجره كل يوم قيراطان)، وهذا يدل على أن الاحتفاظ بالكلاب دون حاجة يؤدي إلى نقص الثواب والأجر من الحسنات يوميًا

الآثار السلبية المترتبة على تربية الكلاب داخل المنازل وتأثيرها على المسلم من الناحية الشرعية
أكد الفقهاء أن اقتناء الكلاب داخل البيوت دون مبرر شرعي قد يؤدي إلى العديد من الآثار السلبية، سواء من الناحية الشرعية أو الصحية أو الاجتماعية، ومن أبرز هذه الآثار ما يلي
- تنجيس المنزل والأثاث: يعتبر لعاب الكلاب من النجاسات وفقًا للأحاديث النبوية، مما يجعل من الضروري غسل الأواني التي تلعقها الكلاب سبع مرات، كما أن ملامسة شعر الكلاب وأجسادها قد يتسبب في انتقال النجاسة إلى الملابس والمفروشات، مما يستوجب التطهير المستمر
- التأثير على الأجر والثواب: وفقًا للحديث النبوي، فإن اقتناء الكلاب لغير الأغراض المشروعة يتسبب في نقصان الأجر اليومي للمسلم بمقدار قيراطين، وهذا يؤثر على ميزان حسناته
- إزعاج أفراد المنزل والجيران: بعض الكلاب قد تكون مزعجة بسبب نباحها المستمر، مما قد يسبب الإزعاج لأفراد المنزل وللجيران
- الأضرار الصحية المحتملة: قد تحمل الكلاب بعض الأمراض التي تنتقل إلى الإنسان، مثل الأمراض الجلدية أو بعض أنواع العدوى البكتيرية والفيروسية، مما قد يؤثر على صحة أفراد الأسرة، وخاصة الأطفال وكبار السن الذين قد يكونون أكثر عرضة للعدوى
دعوة إلى الالتزام بتعاليم الإسلام والبحث عن وسائل ترفيه بديلة بعيدًا عن مخالفة الشرع
انطلاقًا من تعاليم الإسلام التي تدعو إلى طاعة الله والتزام أوامره، أكد العلماء على ضرورة تجنب اقتناء الكلاب لغير الضرورات التي أباحها الشرع، وذلك تجنبا لنقصان الأجر، وكذلك للحفاظ على نظافة المنزل وطهارته، وقد أوصى الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – جميع المسلمين بالبحث عن وسائل أخرى للترفيه والتسلية تتماشى مع أحكام الدين الإسلامي ولا تخالف تعاليمه، وذلك حرصا على الأجر والثواب، واتباعا لهدي النبي ﷺ في التعامل مع الحيوانات وفقًا للضوابط الشرعية