يُعد الطيران أحد أعظم إنجازات العصر الحديث، حيث تحلق آلاف الطائرات يوميًا في سماء العالم، ناقلة الملايين من الركاب إلى وجهاتهم، ومع ذلك، هناك تفاصيل دقيقة تتحكم في كل رحلة جوية، من تصميم الطائرة إلى طريقة إقلاعها وهبوطها، من بين هذه التفاصيل، هناك معلومة قد تفاجئ الكثيرين، الطائرات تقلع دائمًا عكس اتجاه الرياح، لكن لماذا.
القوى الأساسية في الطيران
لفهم هذه الظاهرة، يجب أن نلقي نظرة على القوى الأربعة التي تؤثر على الطائرة أثناء الطيران:
- القوة الرافعة (Lift): وهي القوة التي تبقي الطائرة في الجو، وتنتج عن تدفق الهواء فوق الأجنحة.
- الجاذبية (Weight): وهي القوة التي تسحب الطائرة نحو الأرض.
- السحب الهوائي (Drag): وهي المقاومة التي يسببها الهواء لحركة الطائرة.
- الدفع الأمامي (Thrust): وهي القوة الناتجة عن محركات الطائرة لدفعها للأمام.
وفقًا للدكتور جون د. أندرسون، عالم الديناميكا الهوائية، فإننا لا نعرف بدقة مصدر القوة الرافعة، لكننا نعلم أنها ضرورية لإبقاء الطائرة في الهواء، هنا يأتي دور الرياح في تعزيز هذه القوة أثناء الإقلاع.
السبب العلمي وراء الإقلاع عكس اتجاه الرياح
قد يبدو من المنطقي أن تقلع الطائرة مع اتجاه الرياح لتوفير الوقود، كما تفعل السفن أو السيارات، لكن العكس تمامًا هو الصحيح، عندما تقلع الطائرة عكس الرياح، فإنها تستفيد من تدفق الهواء الإضافي فوق أجنحتها، مما يعزز القوة الرافعة ويجعلها قادرة على الإقلاع بزاوية أكبر وفي وقت أقصر.
لتوضيح ذلك، تخيل أنك تركب سيارة مسرعة وأخرجت يدك من النافذة، سوف تلاحظ أن الهواء يدفع يدك للأعلى كلما زادت سرعة السيارة، هذا المبدأ نفسه ينطبق على الطائرات، حيث يساعد تدفق الهواء على رفع الطائرة بسرعة وكفاءة أكبر.
وفقًا لسنوري جودموندسون، أستاذ الطيران في جامعة إمبري ريدل، فإن طائرة بوينج 747 تحتاج إلى سرعة 150 ميلًا في الساعة عند الإقلاع ضد الرياح، بينما ستحتاج إلى 180 ميلا في الساعة إذا أقلعت مع الرياح، مما يجعل الإقلاع عكس الرياح أكثر كفاءة ويوفر الوقود.
دقة صناعة الطائرات وسلامة الطيران
عالم الطيران لا يترك شيئًا للصدفة. كل تفصيل، من زوايا الأجنحة إلى تصميم النوافذ، يخضع لدراسات دقيقة لضمان أقصى درجات الأمان، وفقًا لإحصائيات الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA)، فإن احتمالية وقوع حادث طيران في 2018 كانت حادثة واحدة لكل 5.4 مليون رحلة، واحتمال الوفاة في حادث طيران هو 1 لكل 9821، مقارنة بحوادث السيارات التي تصل إلى 1 لكل 114.