الرياص – اسماء السيد – باريس: من المفترض أن يكون نهر السين أحد أبرز معالم الاستقطاب في أولمبياد باريس هذا الصيف، لكنه على “ضفتي” نقيض لأن عوامل الأمطار الغزيرة، التلوّث والمخاوف الأمنية تزيد الشكوك حول دوره، وذلك قبل أيام معدودة على انطلاق النسخة الثالثة والثلاثين من الألعاب الصيفية.
ولطمأنة الجميع بشأن سلامة السباحة في النهر الشهير، سيرافق رئيس اللجنة المنظمة لباريس 2024 توني إستانغيه وقائد الشرطة مارك غيوم رئيسة بلدية العاصمة آن هيدالغو للغطس في مياهه الأربعاء.
وسبقتهم إلى ذلك السبت وزيرة الرياضة والألعاب الأولمبية أميلي أوديا كاستيرا.
وقال غيوم الإثنين لإذاعة “فرانس بلو باري” إنه “على مدى الأيام الـ15 الأخيرة، رأينا أننا على مستوى المعايير” فيما يتعلق بالجودة البكتريولوجية للنهر.
ويحتضن الممرّ المائي الشهير حفل الافتتاح في 26 تموز (يوليو)، وذلك في سابقة لأنها المرة الأولى التي تفتتح فيها الألعاب الصيفية خارج الملعب الرئيس.
كما سيستضيف السين سباقات السباحة في المياه المفتوحة وجزء من سباق الترياثلون.
وبسبب قوّة التيارات المائية التي خالفت التوقعات في هذه الفترة من العام، ألغى المنظمون الشهر الماضي أول جلسة تدريب كاملة لحفل الافتتاح بمشاركة جميع القوارب النهرية البالغ عددها 85 والتي ستحمل الرياضيين على طول المسار الممتد ستة كيلومترات.
وقال جان ماري موشيل، المتخصّص في دراسة المياه وتوزيعها فوق الأرض وصفاتها وخصائصها الطبيعية والكيميائية وتفاعلها مع البيئة والكائنات الحية، لوكالة فرانس برس “إذا كان التدفّق سريعاً جداً، سيشكل مشكلة خطيرة لحفل الافتتاح”.
لكن بلدية العاصمة أفادت الجمعة أن النهر كان نظيفاً بما يكفي للسباحة خلال معظم الأيام الـ12 الماضية.
وقال المسؤول في بلدية العاصمة بيار رابادان لإذاعة “أر أف إي” إن جودة المياه كانت مطابقة للمعايير المطلوبة خلال “11 يوماً أو 10 أيام” من الأيام الـ12 الماضية التي سبقت يوم الجمعة.
“لسنا قلقين”
وإلى جانب حفل الافتتاح، يستضيف السين الترياثلون (يتضمن السباحة والدراجات الهوائية والجري) وماراثون السباحة.
وأمل رابادان “أن يتحسّن الطقس قليلاً، لكننا لسنا قلقين بشأن إمكانية إقامة المسابقات”، مؤكداً أنها “ستقام”، لكنه أضاف أنه قد تكون هناك “تعديلات” من دون أن يذكر تفاصيل.
ومن المتوقع أن يكون الطقس في باريس جافاً في الغالب خلال الأسبوعين اللذين يسبقان انطلاق الأولمبياد الصيفي.
وفي الرابع من الشهر الحالي، أفادت بلدية المدينة أن مستويات بكتيريا الإشريكية القولونية (إي كولاي) في منطقة السباحة الأولمبية بوسط باريس قد انخفضت إلى الحدود المقبولة لمدة أربعة أيام.
لكن في الأسبوع قبل الماضي، كانت مستويات الإشريكية القولونية، وهي بكتيريا تشير إلى وجود مادة برازية، أعلى من الحدود العليا.
في إحدى الفترات، كانت مستويات الإشريكية القولونية أكثر بعشرة أضعاف من الحد المقبول بسبب هطول أمطار غزيرة خلال الشهرين السابقين ما أدى إلى مخاوف بشأن استضافة المسابقات الأولمبية.
ومن المقرّر أن يتم استخدام نهر السين في مرحلة السباحة لمسابقة الترياثلون أيام 30 و31 تموز (يوليو) و5 آب (أغسطس)، بالإضافة إلى السباحة في المياه المفتوحة يومي 8 و9 آب (أغسطس).
وأنفقت السلطات الفرنسية 1.4 مليار يورو (1.5 مليار دولار) في العقد الماضي لمحاولة تنظيف النهر من خلال تحسين نظام الصرف الصحي في باريس، فضلا عن بناء مرافق جديدة لمعالجة المياه وتخزينها.
وتسبّبت الأمطار الغزيرة في شهري أيار (مايو) وحزيران (يونيو) في مشاكل تلوّث كبيرة.
ورغم الجهود والأموال الطائلة التي أنفقت، ما زال تأثير العواصف كبيراً على شبكة مياه الصرف الصحي التي يعود تاريخ بعضها إلى القرن التاسع عشر، ما يؤدّي إلى تصريف مياه الصرف الصحي غير المعالجة مباشرة في النهر.
واضطرت هيدالغو التي ترغب في إنشاء أماكن عامة للسباحة في النهر العام المقبل، إلى تأجيل نزولها شخصياً في النهر الشهر الماضي لإثبات نظافته، واعدة القيام بذلك في منتصف تموز (يوليو).
التأهب في أقصى درجاته
من المؤكد أن حفل الافتتاح هو الشغل الشاغل للقوات الأمنية نظراً لعدد الأشخاص المشاركين وصعوبة تأمين مثل هذه المنطقة الكبيرة.
وفي منتصف نيسان (أبريل)، لم يتردّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في القول إن هناك إمكانية لنقل حفل الافتتاح من السين الى “ستاد دو فرانس” في حال وجود تهديد أمني.
وقال ماكرون في مقابلة مع قناة “بي أف أم تي في” وإذاعة “أر أم سي” إنه بدلاً من إبحار الرياضيين المشاركين في حفل الافتتاح في نهر السين على متن المراكب، يمكن أن يقتصر الحفل “على تروكاديرو”، أي المبنى المتواجد بالقرب من برج إيفل أو أن “يُنقل حتى الى ستاد دو فرانس”.
وعلى الرغم من الحرب المستعرة في أوكرانيا وغزة، نفى المنظمون حتى الآن إمكانية نقل الحفل الى مكان آخر إذا كان مستهدفاً.
وسيحصل ما مجموعه 326 ألف شخص على تذاكر لمشاهدة عرض الافتتاح، مع حصول مئات الآلاف الآخرين على فرصة المشاهدة أيضاً من الشرفات والنوافذ في المباني المحيطة بالنهر والتي يزيد عددها الكبير في تعقيد العملية الأمنية في وقت تتزايد فيه المخاوف من الإرهاب.
وسيتوزّع القناصة على سطح كل مبنى في المنطقة المجاورة للنهر، ضمن خطة تتضمّن نشر ما مجموعه 45 ألف رجل أمن.